شريط متحرك بالعناوين

لماذا هذه المجلة؟

قد يسأل سائل: هل الساحة العلمية والفكرية والثقافية الإسلامية في حاجة إلى مجلة جديدة؟ أليس هناك آلاف من الإصدارات والمجلات والمواقع والمنصات التي تتناول قضايا الفقه؟ أليس من الأجدر أن تتوجه الجهود إلى شيء آخر؟ … إلخ من أسئلة تتردد وتتكرر في مثل هذه الحالات. والجواب بكل شفافية وصدق أن الدوريات والمجلات والإصدارات التي تتناول قضايا الفقه كثيرة ومقدرة نكن لها وللقائمين عليها كل الاحترام والتقدير، ولكن هناك ثغر لم ينل الاهتمام الواجب، ولم يتم توجيه الجهود إليه. وهذا الثغر من الأهمية بمكان، ويجدر أن تتوجه إليه الجهود الكثيرة، وهذه المجلة نأمل أن تكون باكورة هذه الجهود. هذا الثغر له ثلاثة أبعاد هي:
أولا: إعادة الاعتبار لمناط الأحكام، ليس فقط على مستوى تخريج المناط وتنقيحه وتحقيقه أو تحريره، وإنما على مستوى تحقيق التكامل المعرفي بين علوم المناط، التي توسعت وصارت هي العلوم الاجتماعية والإنسانية وجانب من العلوم الطبيعية مثل الطب والكيمياء والأحياء مثلًا، وبين علوم الفقه بكل مستوياتها. وهذا التكامل المعرفي بين علوم فقه الشريعة، وعلوم فقه الواقع ضروري للوصول إلى التنزيل الحكيم للأحكام على الواقع، أو الصعود بالواقع لاستنباط الحكم الشرعي فيه.
ثانيا: تجديد مناهج النظر في العلوم الشرعية، ومنها علوم الفقه، تجديدًا ذاتيًا من داخل النسق المعرفي الإسلامي، وبالالتزام بقيم الدين، ومقاصد الشريعة، وليس تجديدا خارجيًا من خلال استيراد مناهج من أنساق معرفية أخرى، وفرضها على الدين كما حاولت بعض التيارات التي رفعت شعار التجديد.
ثالثا: التحويل العملي للعلوم الشرعية لتكون علومًا قادرة على صناعة الفقيه والمفتي والمجتهد الذي يتعامل مع الواقع المتجدد بعقل مبدع يستنبط الحكم، ويصدر الفتوى من خلال آلة عقلية تشكلت في إطار قيم ومقاصد ومناهج الشرع، واستوعبت علوم العصر ومعطيات الواقع.
هذه الأركان الثلاثة تمثل جوهر الحاجة إلى وجود دورية جديدة تحمل عنوان “معارج فقه العصر”، وعنوانها يدل على جوهرها، وهو المعراج أي الصعود من الواقع إلى مصادر التشريع لإنتاج فقه قادر على تحقيق غاية رب العباد من عباده.